-->
»نشرت فى : السبت، 5 يوليو 2025»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

العهد الأول _ د / عزام عبد الحميد أبو زيد فرحات


 العهد الأول .

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صل الله عليه و سلم ) أما بعد  : ـــ 

عباد الله : ما أعظم أن يكون الإنسان مُبدعاً مُخترعاً يُفيد بعقله وعلمه وخِبراته البشرية كلها ، ما أعظم أن يخترع الإنسان بعقله وعلمه وخبراته التيار الكهربائي الذي خدم به البشرية كلها خدمة جليلة .

 ما أعظم أن يخترع الإنسان بعقله وعلمه وخبراته الراديو والتليفزيون ووسائل الاتصال التي جعلت العالم كله من المشرق إلي المغرب وكأنه قرية واحدة .

 ولنا أن نقول بمنطق العقل والقياس الصحيح ، ما أقبح أن يسجد عقلاً   مُبدعاً لمخلوق مثله أو أدني منه في المنزلة ، كأن يسجد ويعبد ويعتقد إنساناً ذو عقل مُبدع أن حجراً  أو شجراً  أو بقراً أو إنساناً مخلوقاً مثله إلهاً ويعبده .  

عين القُبح أن يسجد الإنسان المُبدع لحجر يُقطعه بيده ويُشكله بعلمه إلي أشكال وأحجام مختلفة علي حسب هواه ، ويُلقيه علي الأرض ويطأه بقدمه متي شاء .

عين القبح أن يسجد الإنسان المبدع لحيوان كالبقرة مثلاً ويعتقد أنها إله ، وهو مَن يُطعمها ويُسقيها ، ولو منع هو عنها الطعام والشراب لماتت ، ولو شاء هو ذبحها بسكين وما حركت ساكناً . 

عين القبح أن يسجد الإنسان المبدع لإنسان مثله ويعتقد أنه إله ، مع أنه يأكل ويشرب وينام ويستيقظ مثله ، ويمرض ويموت كما يموت كل مخلوق . 

عين القبح أن يُهمل الإنسان استخدام العقل المُبدع في الوصول إلي الإله الواحد الأحد خالق الكون كله . 

الله (عز وجل) الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له شبيه أو ند أو نظير ، خالق الكون كله ، عندما خلق أول خلقه وهو آدم أبو البشرية ، استخرج من ظهر آدم ذُريته ، وهم كل مولود سَيُولد من ظهر أدم حتي يوم القيامة ، استخرجهم جميعاً في صورة ذرات صغيرة ، وقال لهم : ألست بربكم ؟. قالوا : بلي . وبعد أن شهدوا علي أنفسهم أمام خالقهم بأنه الخالق ، حذرهم من الشرك به بعد أن يُولدون من أرحام أمهاتهم  ، حذرهم أن يُشركوا به ويعبدوا حجراً  أو شجراً  أو بقراً  أو إنساناً مخلوقاً مثلهم ، حذرهم أن يشركوا بالله الخالق ويقولوا : أشركنا كما أشرك آباؤنا . 

حذرهم من التقليد الأعمى والإتباع مسلوب الإرادة ، وطلب منهم إعمال العقل المبدع في التأمل في ملكوت الله الواسع الدال علي وحدانيته ، فأرض وسماء وبحار وأنهار ومخلوقات مختلفة الأشكال والألوان ، إنها تدل بلسان حالها علي أن لها مُوجد أوجدها ، هو الله اللطيف الخبير.

 أدعوكم إلي قراءة وتأمل آية العهد الأول الذي أخذه الله علي عباده ، قال الله (عز وجل ) في سورة الأعراف: { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ * وكذلك نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } .

 وروي الإمام أحمد بسنده من حديث عبد الله  بن عَبَّاسٍ ( رضي الله عنهما ) عَنْ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : قَالَ أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ بِنَعْمَانَ يَعْنِي عَرَفَةَ ، فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا ، فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ ،  ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلًا ، قَالَ : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ؟. قَالُوا : بَلَى  شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ  ) .

 أبان الحق تبارك وتعالي أن نقض العهد الأول ، عقد الإقرار بوحدانية الله ، وعدم القيام به ، هو أعظم الذنوب وأنه خطيئة لا تُغتفر، وأن ناقض هذا العهد خالد مُخلد في النار ، قال سبحانه وتعالي في سورة النساء: { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا  }.

وقال أيضاً في سورة النساء: { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا }.

وقال سبحانه وتعالى في سورة المائدة:{  إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ  *  يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ  }. 

اللهم أحينا وأمتنا علي الإيمان الكامل واليقين الصادق بأنك أنت الله وحدك لا شريك لك وأن محمداً صل الله عليه وسلم عبدك ورسولك .

بقلم . د / عزام عبد الحميد أبو زيد فرحات .

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus

الابتسامات

0102030405060708091011121314151617181920212223242526272829303132333435363738394041424344

design by : bloggerinarab, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة أكاديمية النيل لعظماء الشعر والأدب 2014 - 2015